بقلم الشاعر 🔴🔵 عبد الكريم السعيد 🔴🟢ليلة الخميس الاخيرة🔴🟢
لَيْلَةُ الْخَمِيسِ الْأَخِيرَةِ
" ليلة الرحيل "
(إِلَى رُوحِ صَدِيقِي الْأَدِيبِ وَالشَّاعِرِ كَرِيمِ خَلَفِ جَبْرِ الْغَالِبِي)
فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ
كَانَتْ حَدَقَاتُ عَيْنَيْكَ الذَّابِلَتَيْنِ
تُخْبِرُنِي عَنْ السَّاعَةِ الْأَخِيرَةِ
عَنْ قَصِيدَةِ الرَّحِيلِ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ
مَكَانٍ آخَرَ
لَمْ تَرْتَدِهِ جُيُوشُ ذَاكِرَتِكَ الْمُتَوَقِدَةِ مِنْ قَبْلُ
سِوَى مَا كَانَتْ تَرْسِمُهُ
أَوْجَاعُ لَيَالِيكَ الْمُلْتَهِبَةِ بِالسَّهَرِ وَالْوَجَعِ وَصَمْتِ الْقَوَاقِعِ
تُخْبِرُنِي عَنْ أَنِينِ قَلَمِكَ الْمُضَمَّخِ بِالْحُزْنِ وَالْأَسَى
عَنْ شُرَفَاتِ قَصَائِدِكَ الَّتِي أَشَاحَتْ بِوَجْهِهَا الشَّاحِبِ بَعِيدًا عَنْ نَوَافِذِ الْمُشْفَى
وَكَأَنَّكَ تَنْتَظِرُ وَجْهًا لَمْ تَرَاهُ مِنْ قَبْلُ
وَلَمْ يَأْتِ بَعْدُ
عَيْنَاكَ الْجَمِيلَتَانِ تَسَمَّرَتْ فِي وَجْهِ الْبَابِ
تَبْحَثُ عَنْ وُجُوهِ حُرُوفِكَ الشَّارِدَةِ
وَعَنْ قِصَّةِ الْوَجَعِ الَّتِي تَكَادُ تَنْتَهِي
عَنْ الْمَشْهَدِ الْأَخِيرِ لِرِوَايَةِ الرَّحِيلِ
الَّتِي كَانَتْ تَكْتُبُهَا أَنْفَاسُكَ بِاتِّقَانٍ
عَنْ أَبْطَالِهَا الَّذِينَ تَمَرَّدُوا عَلَى طَرَاوَةِ ذَاكِرَتِكَ الَّتِي لَمْ تَزَلْ تَتَذَكَّرُ
عَنْ فُصُولِهَا الَّتِي أَمْسَتْ كَوَابِيسَ مَنَامٍ
رِسَالَتُهَا الْمُشَفَّرَةُ
تَكْتُبُ قَصِيدَةَ الْمَوْتِ بِلا شَفَقَةٍ
تَهْمِسُ فِي أُذُنَيْكَ بِصَوْتِ قَوَافِيهَا الْحَزِينَةِ
أَيُّهَا الْقَلَمُ الْعَتِيدُ
قَدْ أُزْفَتِ السَّاعَةُ وَجَفَّ النَّهْرُ
أَيُّهَا الْقَادِمُ إِلَيْنَا بِحَقَائِبِ الْوَجَعِ وَالذِّكْرَيَاتِ وَهُمُومِ السِّنِينَ
أَلَمْ تَسْمَعْ صَدَى صَهِيلِ خُيُولِ الْعَابِرِينَ...؟
قَدْ آنَ الْآنُ
لِحَرْفِكَ الرَّشِيقِ أَنْ يَرْسُمَ قِصَّةَ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ
كُلُّ شَيْءٍ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ
كَانَ يَغْرَقُ فِي صَمْتِ الِانْتِظَارِ
إِلَّا صَوْتَ نَبْضِكَ الْمُتْعِبِ كَانَ يُسَابِقُ عَقَارِبَ السَّاعَةِ
عَقَارِبَ السَّاعَةِ مَهْرٌ جَمُوحٌ تَشَاكَسُ الْوُجُوهَ الَّتِي تَلْتَفُّ حَوْلَ جَسَدِكَ النَّحِيلِ خَائِفَةً
إِلَّا وَجْهًا كُنْتَ تَنْتَظِرُهُ وَلَمْ يَأْتِ بَعْدُ...
الْفَجْرُ بَدَأَ يُغَازِلُ سَاعَتَهُ الْأُولَى
لَمْ يَكُنْ صَبَاحُهُ الْجَمِيلُ كَالصَّبَاحَاتِ
الَّتِي كُنْتَ تَنْتَظِرُهَا كُلَّ يَوْمٍ مَعَ الْعَصَافِيرِ وَفَرَاشَاتِ الْحَدَائِقِ وَصَوْتِ عَبْدِ الْبَاسِطِ وَسَجَّادَةِ الصَّلَاةِ
إِنَّهُ فَجْرٌ مُخْتَلِفٌ
زَائِرٌ غَرِيبٌ
أَنْفَاسُكَ الْمُتْعَبَةُ تَتَبَاطَأُ
كَأَنَّهَا تَسْدِلُ سَتَائِرَ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ
سَتَائِرَ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ
كَانَتْ تُنْشِدُ لَكَ قَصِيدَةَ الْوَدَاعِ الَّتِي يَكْتُبُهَا أَنِينُ أَنْفَاسِكَ الْمُتَبَاطِئَةِ
لَا أَدْرِي
يَا صَدِيقِي
هَلْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ سَتَكُونُ عُنْوَانًا مُثِيرًا
لِقَصِيدَتِكَ الْجَدِيدَةِ...؟
عَبْدُ الْكَرِيمِ السَّعِيدِ
تعليقات
إرسال تعليق