بقلم الاديب 🎋🎋 عزام عبد الحميد ابو زيد 🎋🎋 التفكير في مخلوقات الله 🎋🎋
التفكير في مخلوقات الله.
مما لاشك فيه أن التفكير في مخلوقات الله العظيمة كالأرض وما فيها من بحار وأنهار وما عليها من جبال وسهول ووديان ، وكذا السماء وما فيها من شمس وقمر ونجوم ، وكذا انتظام حركة الكون في تناسق بديع ، الشمس تُشرق بالنهار والقمر والنجوم تظهر بالليل ولم نجد اختلال في هذا التوازن الدقيق يوماً ما .
الأرض تُروي بالماء فتُخرج الزروع والثمار للإنسان والحيوان ، زروع وثمار مختلفة الأشكال والألوان والطعُوم .
التنوع البديع في الخلق مع التناسق والتناغم بين المخلوقات يدل على أن الكون له خالق مُدبر حكيم عليم.
الذي يفكر ويتأمل في مخلوقات الله ويهتدي بتفكيره إلى وحدانية الله وقدرته وعظمته وسلطانه هو صاحب العقل المستنير الذي اهتدي بنور الله إلى الله ، روي الإمام ابن حبان في صحيحه من حديث التابِعيُّ الجليل عَطاءُ بنُ أبي رَباحٍ قال : دخَلْتُ أنا وعُبيدُ بنُ عُميرٍ على عائشةَ فقالت لِعُبيدِ بنِ عُميرٍ : قد آن لك أنْ تزورَنا فقال : أقولُ يا أمَّهْ كما قال الأوَّلُ : زُرْ غِبًّا تزدَدْ حُبًّا ، قال : فقالت : دعُونا مِن رَطانتِكم هذه ، قال ابنُ عُميرٍ : أخبِرينا بأعجَبِ شيءٍ رأَيْتِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : فسكَتَتْ ثمَّ قالت : لَمَّا كان ليلةٌ مِن اللَّيالي قال : ( يا عائشةُ ذَرِيني أتعبَّدِ اللَّيلةَ لربِّي ) قُلْتُ : واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَك وأُحِبُّ ما سرَّك ، قالت : فقام فتطهَّر ثمَّ قام يُصَلِّي قالت : فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ حِجرَه قالت : ثمَّ بكى فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ لِحيتَه قالت : ثمَّ بكى فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ الأرضَ ، فجاء بلالٌ يُؤذِنُه بالصَّلاةِ ، فلمَّا رآه يبكي قال : يا رسولَ اللهِ لِمَ تَبكي وقد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم وما تأخَّر ؟ قال : ( أفلا أكونُ عبدًا شكورًا ، لقد نزَلَتْ علَيَّ اللَّيلةَ آيةٌ، ويلٌ لِمَن قرَأها ولم يتفكَّرْ فيها : ( إِنَّ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰب ).
من الدلائل على وحدانية الله عز وجل وقدرته وعظمته وسلطانه أنه خلق بنو آدم بألوان مختلفة منهم الأبيض والأسود والأحمر ومنهم من يتكلم اللغة العربية ومنهم من يتكلم الإنجليزية أو الفرنسية أو الأسبانية...إلخ من اللغات بل وداخل اللغات الرئيسة لهجات عديدة ، فمن عَلم هؤلاء هذه اللغات وتلك الهجات ؟. إنه الله عزّ وجل الذي خلق فسوي واتقن وأحسن ، قال الله عز وجل في سورة الروم:( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ).
يوم القيامة يخاطب الله عزّ وجل كل إنسان بلغته ولهجته ، ليس هناك من يُترجم بين الله والناس ، فالخالق جل وعلا هو العليم الخبير بعباده ، روي الإمام البخاري ومسلم من حديث عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ).
ومن الدلائل على وحدانية الله عز وجل وقدرته وعظمته وسلطانه أنه يُلقي على عباده النوم بالليل والنهار من أجل الراحة النفسية والبدنية ثم يُوقظهم مرة أخري من أجل العبادة وعمارة الأرض ،قال الله عز وجل في سورة الروم : ( وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ).
الصحابي الجليل زيد بن رضي الله عنه يُصاب بالأرق أي بالسهر وقلة النوم ، فيُعلمه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم دعاء استجلاب النوم ، روي الطبراني من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: شَكَوتُ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرَقًا أصابَني، فقال: قُلِ: اللَّهُمَّ غارَتِ النُّجومُ، وهَدأَتِ العُيونُ، وأنت حَيٌّ قيُّومٌ لا تأْخُذُك سِنةٌ ولا نومٌ، يا حَيُّ يا قيُّومُ، أهْدِئْ لَيْلِي، وأنِمْ عَيني. فقُلْتُها، فأذهَبَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَنِّي ما كنْتُ أجِدُ ).
تفكروا عباد الله في مخلوقات الله ولا تتفكروا في ذات الله لأننا نستطيع فهم آيات الله الكونية بعقولنا أما ذات الله فتعجز عُقُولنا عن إدراكها وتخليها ، لذلك منعنا الله عزّ وجل من مجرد التفكير في ذاته العَلية ، روي الطبراني والبيهقي من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ ، وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ ) .
اللهم ارزقنا التفكير في مخلوقات الله تفكيراً تشرح به صدورنا نحو كتابك الكريم وسنة حبيبك سيدنا صلى عليه وسلم.
تعليقات
إرسال تعليق